سأروي لكم قصتي مع الهجرة بإختصار ... أملاً بأن يستفيد منها شخصأً ما ...
كنت شاباَ من سكان مدينة الدار البيضاء, كان المحيط العام بي سئ أخلاقياَ, كان أبواي مثل كل الآباء يخافون على أبنائهم خوفاً رهيباً, كان نظام حياتي كالتالي (مدرسة . دراسة . نوم ) لم تسمح لى الفرصة لمخالطة العالم الخارجي . لا أضع اللوم على والدي . فكل همهم حمايتي من وساوس من حولى .
كنت شاباَ من سكان مدينة الدار البيضاء, كان المحيط العام بي سئ أخلاقياَ, كان أبواي مثل كل الآباء يخافون على أبنائهم خوفاً رهيباً, كان نظام حياتي كالتالي (مدرسة . دراسة . نوم ) لم تسمح لى الفرصة لمخالطة العالم الخارجي . لا أضع اللوم على والدي . فكل همهم حمايتي من وساوس من حولى .
كبرت وترعرعت على هذا النظام . شعرت بالملل الخانق . وأصبح كل همي أن أسكن وحيداً . دون أن يملى علي أحداً أوامره أو أن يسيطر على أفعالى . كنت كأي شاب مراهق يسعى وراء الحرية . وبشرط ان تكون بدون قيود .درست بثانوية عمومية و بقي امامي سنتين لانتقل الى الجامعة . زاد مللي في الحياة وزاد كرهي في روتين حياتي . أصبحت أقترح قصة السفر على والداى . ليل نهار دون ملل . حتى أتت الفرصة التي لطالما إنتظرتها و انا في بداية السادس عشر من عمري ووافق أبي .أنجزت ما على من اوراق ومعاملات وسافرت …عند وصولي لبلجيكا . لم أهتم إن كانت بلجيكا او أمريكا او حتى الصومال . كانت فرحتي أنني إمتلكت حريتي أخيراً.
مر الشهر الأول والثاني والثالث والرابع ولا تجد فى العالم كله أسعد مني .يمضي الوقت بسرعة جدا . فبالأمس القريب كنت بالمطار واقفاً أودع أهلى ودموعهم تنزف مطراً وأنا قلبي يرفرف فرحة . وها انا بعيد عنهم ما يقارب 6 شهور وأشعر بنفس البهجة .أكلم أهلى ما يقارب 3 مرات اسبوعياً . يقابلونني و الحزن قد رسم على وجوههم . وأقابلهم بالفرحة . يقابلونني بذكرياتي معهم وأقابلهم
بأيامي الجديدة .
ويمضى الوقت . ولكن مع مروره أصبحت أشعر ان شيئاً ما ينقصني . لا اعرف ما هو تحديداً . اصبحت فرحتي تقل شيئاً فشئ دون معرفة السبب . أصبحت أتصل على أهلى وإخواني كثيرا . مضت أول 9 شهور وأصبحت السعادة شئ من الماضي .أصبحت أسهو وأصحو على دموعي تعانق خدي . أصبحت دمعتي تنتظر أن ترى صورة لأحد من أخوتي . أو ان أتذكر موقفاً ما . فحتى بإبتسامتي للموقف تعانقها الدموع . مرت السنة الأولى ولم استطع ان اكمل الفراق . زرتهم لاول مرة . شعرت كيف بعدي أثر فيهم . شعرت كيف يتقربون مني بإشتياق وفرحة تعبر عن كل ما بالقلب . من صغيرهم لكبيرهم . وإنتهت الأسابيع القليلة سريعاً . وعدنا للغربة الجافة . التى لا تمتلك لا رحمة ولا ضمير . وزادت نار الندم أكثر واكثر .
تركت أهلى واصحابي وجيراني وذكرياتي . ضيعت أهم فترة في حياتي و هي شبابي فى مكان لم تكن فيه ذكرياتي . لم نجلس فيه هناك انا وصديقي . ولم نضحك هناك انا واخي . ولم أحفر على جدرانه سعادتي وأحزاني .هذه قصتي مع غربتي . وأنا أعلم أن الكثير والكثير بل والكثير مثلي . من من وقع فى غلطتي . ومنهم من يحاول حالياً الوقع فيه …يا أخي . يا من تفكر بطيش . وبمراهقة . وتريد الهجرة هروبا من أي سبب تافه . فكر جيداً قبل الشروع بالعمل . فإذا وصلت إلى هنا إلى بلاد الغربة فقد إنتهى وقت التفكير ووجب عليك العمل وتحمل الغربة .أنتم تعلمون عقلية مجتمعاتنا . إذا غيرت رأيك هنا وقررت الرجوع . فأنت تعرف ماذا ستسمع عن نفسك . وأقلها سينعتونك ب ( الفاشل )فكروا جيدا . فالقرار بهذا الخصوص قرار مصيري .