المِثَالُ المَشْهُور "غَرِقنَا فِي شِبر مَاء" الذِي يُطْلَقُ عَلَى البَشْرِ الذِينَ لا يَعْرِفُونَ كَيفَ يُصَرِفُونَ أمُورَهُم , وتَضِيقُ بِهم السُبلَ مَع أيّةِ وَرطّه أو مُصِيبةٌ , فَهُمْ عَدِيمّي التَّصَرف وقَلِيلُو الحِكْمَة , ويُطْلَقُ أيضَاً عَلى البَشر الذِينَ دَائماً فِي حَيرةِ مَنْ الوَاقع ومَنْ أمُورِهم , وَلَكنْ تَعدى هَذا المَثَلُ الذِي كَانَ يُطْلَقُ عَلى أناسً بَعينهم إلى مَا يَقرب مَنْ اثنان مَليار ونصف مَنْ إجمَالي سُكَان العَالم , مَّما جَعَلَنِي أقُول غَرِقنَا فِي شَبر تُكْنُولُوجيا , وخَرجَ الكَلامُ مِنْ مَحمَل التَهَكم إلى مَحمَل الجّد كلُ الجّد. المُوبايل الذي هو عَدوى لا تبقي ولا تزر ولا يتعدى حجمه في كثير من الأحيان الشبر , فما من شاب إلا وتجده يمتلك أكثر من هاتف بحجّة (بسبب) لعنة التكنولوجيا التي إصابة معظم الشباب والكبار والصغار , فأصبح الأب يكلم ابنه عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي , و حتى ولو كلمهُ في الحقيقية تجدِ الابنُ لا يلتفتُ إلى كلامِ والدهِ , حيث انه يُرَاسل أصدقائه حَولَ العَالم من خِلال الموبايل والانترنت , والثقافةُ الهدامة في استخدامهِما جعلتني أقول نحن نعيش في مجتمعً افتراضي والشعور الافتراضي , لا نَسْتَّمتّع بِالكَلامِ مع الأصدقاء قدر ما نستمتع حينما يقوم احد الأصدقاء بعمل إعجاب وتعليق على مواقع التواصل, ولو صنع لك إشارة في صورة يؤكد انك من اعز أصدقائه أفضل من يقول لك انت من اعز أصدقائه , حتى أصبحت ألكتابه والإشارة أفضل من القول والعمل, والتباهي بعدد التعليقات و الإعجابات , أصبحت ظاهرة بارزة ألان ظهور الجبال بجانب الأنهار, والذي جعلني أيضاً ابكي على اللبن المسكوب وأحاول جمعة , أن العربَ هُم أكثر الناس الذين لا يعرفون لثقافة الاستخدام العادل مَعنى , وهم الذين انهمكوا بطريقةً وحشية في استخدام التكنولوجيا , والذي أحزنني أكثر بعد رجوعي من القاهرة عاصمة البلاد إلى صعيد البلاد , ووجدتُ الشباب قد انغمسَ أيضاً في الواقع الافتراضي وغرقَ فيه بطريقةً مهينة , وسئِمتُ المنظر وقمت أتدبر, كيف وصلنا إلى هذا الحد من التخلف وليس التقدم في ثقافة الاستخدام , فحينما كنا نناقش إي أمرً في المنضرة (المضيفة) كان الشباب منصت لِنَسمع أراء الكبار حتى نتعلم منهم و نستزيد من خبرتهم في الحياة , لكن أصبح ألان منصت للموبايل والماسنجر ولا يبالي ما يحدث من حوله , و أصبح يضع الموبايل في عينه من شدة حرصه عليه ,حتى أصبحنا ذو أعين ضعيفة عند النظر إلى المستقبل , مما يجعلني اكتب رسالة إلى شباب الأمة ومثقفيها وعلمائها , هل لنا إلى خروج من سبيل ؟! من هذا الوباء التكنولوجي الذي عم الأمة من مشرقها إلى مغربها , وأخذنا هذه القاعدة في مدرسة الحياة ألا وهي " إن ما زاد عن الحد ينقلب إلى الضد " وها نحن قد انقلبنا في الضد ذاته , وتعدينا كل الحدود وأصبح كل فرد يرسم حدوده على أهوائهِ ليرضي شهواتهِ , غرقنا في الاستخدام وليس في أمان من السرقة والاختراق والنصب الالكتروني إلى غير ذلك , وفي النهاية استخدموا الانترنت والموبايل ولكن بقدر معين , عش الواقع ولا تعش في قواقع التكنولوجيا , ساهم في صنع قرارك وكن سيد اختيارك , كل هذه مسلمات لابد من التَعَرفُ عَليها , ويا ليتَ هذهِ التكنولوجيا لم تظهر بكل مميزاتها وعيوبها جعلتنا نهتم بالأقوال ولا نهتم بالأفعال مِثلَما تَجِد الشاب يكتب على مواقع التواصل بما يخالف رأيه وفكره لكي يرضي نفسه بإعجاب أو تعليق . غرقنا في شبر ماء ليس هذه المرة تَهَكّمَا ولَكنْ حقِيقَةً , حيث إننا مُقَيّدُونَ بالموبايل واللاب توب والايباد والتابلت وغير ذلك من المسميات التي ترجع إلى معنى واحد وهو التخلف التكنولوجي والاستخدام الغير عقلاني , وأتمنى إلا نصل إلى ما وصلت إلية الصين ونقيم مصحات لعلاج إدمان استخدام الموبايل والانترنت , و يا ليتَ نَعُود إلى الفِطرة السَلِيمة وهي العَمل قال تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله " ابدأ بنفسك وحسن ثقافة استخدامك .
بقلم : راشــــد صــلاح أبورميــه